من المتغير الزمان أم الإنسان؟
قفوا جانبا........تأملوا قليلا ما يدور حولكم... لا تمشوا في الدنيا دون أن تحسوا بما يدور حولكم... لا تتركوا الزمان يمر دون أن تفهموا حقيقة ما يحدث... لا تتقبلوا ما يقال دون تفكير...
أما بعد
صراع الأجيال...
من لم يسمع به؟ من لم يتصادم مع والديه؟ للأمانة، أنا فعلت، و أنا أقصد تصادم الأفكار و الآراء.
الكل بدون استثناء يلقي اللوم على عاتق الزمان.
الزمان الذي يتغير و لا يترك للإنسان فرصة اللحاق به. لحظة... هذا ليس كلامي، أنا أكرر فقط ما يقال.
هذا الكلام كان دفعني للتوقف و التأمل و التفكر.
هل صحيح أن الزمان يتغير؟ أم أن الإنسان هو الذي يتغير؟؟ أم الاثنان معا؟؟
المتأمل في الموضوع سيدرك من الوهلة الأولى أن الزمان لا يتغير أما الإنسان فبلا. لن تجد عند الإنسان شيئا ثابتا إذ كل ما لديه متغير: الأحاسيس، التعبير عن المشاعر، ألمراض، اللغة، اللهجة، الموضة، المشية، الثقافة، التنشئة، الأخلاق، الأفكار، الرؤى، الأحلام، الطموحات و غيرها....
يعيش الإنسان و يعبث في الدنيا يمينا و شمالا: يعيش أفراحا و أتراحا و يرى نجاحات و إخفاقات في جميع الميادين دون كلل أو ملل. يواصل عبثه في الحياة دون تبصر و دون وقفة تأملية، يحيا في ظلام اللامبالاة رغم تنوير طريقه بنور المعرفة و لكن ذلك النور بقي حكرا على فئة معينة دون غيرها. إذا نجح و حقق أمجادا يرجع ذلك لعمله الجاد و تعبه المتواصل. أما إذا فشل.... هناك حل واحد.... وجدت الإنسانية متهما أخرسا ثبتت عليه الإدانة دون منحه حق الدفاع المشروع. استغلوا صمته و هدوءه وجعلوا منه شماعة تعلق عليها أخطاء البشرية منذ الأزل. هذا المتهم المسكين هو ما نسميه الزمان.....
نفشل في الحب.. آه السبب هو الزمان، أما السبب الحقيقي فهو جهلنا بمتطلبات الحب و فشلنا في التخلي عن أنانيتنا و إخفاقنا في الاندماج مع الآخر و أشياء أخرى...
نختلف مع والدينا أو أبنائنا و نلقي اللوم على الزمان فهو يتغير و لا نستطيع مجاراته لكن الحقيقة هي أن نفاد صبرنا و تشبثنا بآرائنا و عنادنا و جبروتنا هم المذنبون.
ضاعت أموالنا ... الزمان هو طبعا المذنب لكن ماذا عن كسلنا و تقاعسنا، لهونا وطيشنا، أليسوا حتى من المشتبه بهم ؟؟؟؟
نخاف من المستقبل و نقلق و سبب مخاوفنا هو الزمان و غدره.
أنا عينت نفسي اليوم ناطقة باسم الزمان، أنا اليوم محاميته و أعترض... أعترض بشدة من الإجحاف و الظلم الذي يتعرض له موكلي...
كفانا تهربا من المسؤولية و لنكن مستعدين، ولو لمرة واحدة، لتقبل تبعات أخطائنا و ضعف نفوسنا.
الزمان لا يغدر لكن الإنسان يفعل...
الزمان بريء و الإنسان مذنب.....
ليس الزمان من يتغير بل الإنسان من يفعل....
السبيل إلى إصلاح "زماننا" هو إصلاح أنفسنا....
و أختم دفاعي بكلام الإمام الشافعي:
نعيب زمننا و العيب فينا و ما لزماننا عيب سوانا
و نهجوا ذا الزمان بغير حق و لو نطق الزمان لنا هجانا